لطالما وُجد مفهوم "الميتافيرس" ذلك الفضاء الرقمي المشترك الذي يتيح للمستخدمين التفاعل مع بعضهم البعض ومع تجارب وأشياء رقمية متعددة منذ عقود طويلة، وظهر بقوة في روايات وأفلام الخيال العلمي، إلا أن هذا المفهوم بدأ يخرج من إطار الخيال إلى التطبيق العملي، مدفوعًا بنجاح تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزّز (AR).

ومع تسارع التطور التكنولوجي الذي يدعم هذا العالم الافتراضي، بدأ التساؤل يطرح نفسه في أوساط المتخصصين في التسويق: هل سيكون الميتافيرس مستقبلًا حقيقيًا للتسويق؟ أم أنه مجرد ظاهرة مؤقتة ستنتهي قريبًا؟

لا شك أن الميتافيرس يقدّم فرصًا غير مسبوقة للمسوقين والعلامات التجارية، فهو يتيح لهم تصميم تجارب تفاعلية غامرة لا يمكن تحقيقها عبر الإعلانات التقليدية، يمكن للمستهلك أن يدخل إلى متجر افتراضي أو يختبر منتجًا بطريقة محاكية للواقع، مما يعزز التفاعل ويخلق روابط أعمق بين العلامة والجمهور.

كما أن وجود المستخدمين داخل بيئة رقمية كاملة يتيح للعلامات التجارية تتبّع وتحليل سلوكهم بشكل أكثر دقة، وبالتالي استخراج رؤى تسويقية قيّمة تساعد على تحسين المنتجات والخدمات.

رغم هذه الإمكانيات، لا تزال هناك تحديات حقيقية أمام التسويق في الميتافيرس، فهذه البيئة لا تزال في مراحلها الأولى وتتطلب أجهزة متخصصة قد لا تكون متاحة للجميع، كما أن تبنّي المستخدمين لها لم يصل بعد إلى مرحلة الانتشار الواسع، وهو ما يؤخّر اعتمادها كمنصة تسويقية رئيسية.

ومع أن الواقع الافتراضي والمعزّز شهدا تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، إلا أن ارتفاع التكلفة والتعقيد التقني يشكّلان عائقًا أمام دخول الشركات الصغيرة أو المتوسطة إلى هذا العالم.

كيف يمكن أن يبدو تسويق المستقبل في الميتافيرس؟

من أبرز ملامح المستقبل المحتمل للتسويق في الميتافيرس:

• المعارض والمتاجر الافتراضية: حيث يمكن للمستهلك التجوّل داخل متجر رقمي وتجربة المنتجات بطريقة تفاعلية، كما لو كان في متجر حقيقي.
• المؤثرون الرقميون الافتراضيون: شخصيات رقمية تمثّل العلامة التجارية وتروّج لمنتجاتها من داخل عالم الميتافيرس بطريقة أكثر واقعية وتفاعلاً من وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية.
• تحليلات سلوكية معمقة: إذ يمكن تتبّع كل تفاعل يجري بين المستخدم والعلامة داخل العالم الافتراضي، مما يمكّن الشركات من فهم احتياجات الجمهور بشكل غير مسبوق.

الميتافيرس ليس موضة عابرة، كما أنه ليس بديلًا مباشرًا عن كل ما نعرفه اليوم في عالم التسويق، لكنه يحمل في طياته فرصة لإعادة رسم شكل العلاقة بين العلامة التجارية والمستهلك.

فالسؤال ليس: هل سيدخل التسويق عالم الميتافيرس؟ بل: متى، وكيف؟

‍